Back to overview

دستور الجزائر: "ثرثار" يتحدث عن حقوق لا يضمنها

ضمن سلسلة بدائل السياسات، نشرت مبادرة الإصلاح العربي هذه الورقة التي أعدها الدكتور ناصر جابي، حول الدستور الجزائري، ويرى ان المواطن الجزائري وقف من التعديلات الدستورية المقترحة عليه في 2016 الموقف نفسه الذي عبّر عنه تقرير التنمية الإنسانية العربي، حول الحرية في العالم العربي (2004). إذ ورد في إحدى خلاصاته: إن ما يمنحه الدستور في البلدان العربية من حقوق عادة ما يأخذه القانون أثناء العملية التشريعية، وتقضي عليه الممارسة الفعلية، ليفرّغ هذا الغطاء الدستوري عملياً من محتواه الإيجابي الذي قد يظهر به في الأول. فهل وقع السيناريو الذي تحدّث عنه التقرير العربي في التعديلات الدستورية التي أبصرت النور في 2016، وكان الرئيس بوتفليقة قد وعد بها بعد الأحداث التي عرفتها الجزائر في سياق الربيع العربي مباشرة؟ 

 

جاء هذا التعديل بعد أربع سنوات من صدور حزمة من القوانين العضوية المتعلقة بالانتخابات والأحزاب والجمعيات وغيرها في سنة 2012. وهي قوانين طالبت بإصدارها أحزاب المعارضة في حينها وجزء من الأحزاب السياسية القريبة من السلطة، بعد التعديل الدستوري وليس قبله، مما كان يعني البدء بتعديل الدستور أولاً، وذلك عكس ما حصل تماماً. ورغم ذلك، فإن تلك قوانين لم ترقَ إلى مطالب القوى السياسية في الجزائر، التي كانت تعيش أجواء الربيع العربي، إذ حاولت تلك القوانين أن تتكيف مع تلك المطالب بأقل الأضرار الممكنة. فماذا كان موقف المواطن والطبقة السياسية من هذه القوانين التي أصرّت عليها السلطة ونفذتها بالشكل والتوقيت الذي ارتضته؟ 

 

يرى المواطن الجزائري أن الحكم على الدستور يتم من خلال الممارسة الفعلية له، وليس على ما يدعي أنه يضمنه من حقوق نظرية مجردة. الرأي نفسه عبرت عنه المعارضة السياسية في الجزائر التي قالت: إن التعديل الدستوري "لا حدث"، لأن المهم هو التطبيق الفعلي على أرض الواقع. وأن المشكلة في الجزائر لم تكن مشكلة نصّ دستوري لم يُطبق على أرض الواقع أصلاً، برغم العيوب والنقائص التي تضمّنتها الدساتير الجزائرية على الدوام. ولذلك قاطعت معظم أحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية  المحسوبة عليها المشاورات التي دعا إليها رئيس الجمهورية أثناء عملية إعداد التعديلات الدستورية التي أشرفت عليها شخصيات رسمية مقرّبة من رئيس الجمهورية. ولم تختلف هذه التجربة عن التجارب السابقة، التي قامت كلها بإقصاء المواطنين من المشاركة في وضع دساتيرهم الوطنية، منذ أول تجربة دستورية في سنة 1963. إذ يكتفي المواطن عادة بدور المتفرج وغير المعني، الذي يُستشار في أحسن الأحوال، بعد أن يُعدّ الدستور ليعبر عن رأيه بلا أو نعم، في استفتاءات محسومة النتائج مسبقاً.